لم تعدِ القِصةُ قِصة "رمانة" بل قلوب مليانة والحقائبُ الوحيدةُ التي باتت في متناولِ الأيدي هي حقائبُ سَفرِ السياسيين لقضاءِ إجازة أو لالتقاطِ الإشاراتِ مِن مواقعِ القرارات بعضُ الزيارات ليست بحاجةٍ إلى تأشيراتٍ بينَ السِّفارةِ والعمارة وبعُنوانِ الحجّ ومَن استطاعَ إليه سبيلا أدى الوزيرُ المفوّضُ وليد البُخاري مناسكَه السياسيةَ عند الرئيسِ المكلّفِ سعد الحريري فكان عَرضٌ للعَلاقاتِ بينَ البلدينِ واستبعادٌ لمِلفِّ التأليف بحسَبِ ما قالَ البخاري بعدَ اللقاء. طرُقُ الحجيجِ المسهّلةُ لم تَنسحبْ على أزْمةِ التأليفِ التي سلَكت مَعبراً آخر ورميُ الجَمَراتِ أصابَ التشكيلَ بتأجيل حيثُ أكّدت مصادرُ للجديد أنْ لا حكومةَ قبلَ الخريف وأنّ العُقدَ لم تَعُدْ تقتصرُ على الحِصصِ والحقائب إنما امتدّت إلى البيانِ الوزاريّ وباتت مرتبطةً ارتباطاً مباشَراً بالعَلاقةِ اللبنانيةِ السورية وإذا كان الرئيسُ المكلّفُ مَغلوباً على أمرِه في حَلِّ العُقدِ الداخلية فإنّه وقَعَ في فخِّ الموقِفِ المتسرّع على قاعدة وحدة بوحدة وقال لا حكومةَ إذا ما أردتُم عودةَ العَلاقةِ بسوريا وهي علاقةٌ أُدرجت بنداً في البيانِ الوزاريِّ لحكومةِ تصريفِ الأعمال الذي يَنُصُّ على أنّ الحكومةَ ستواصلُ بالطبع تعزيزَ العَلاقةِ بالدولِ الشقيقةِ والصديقة إلا إذا أصبحت دمشقُ خارجَ هذينِ التصنيفين. تَبعاتُ موقِفِ الرئيسِ المكلّفِ لم تُصِبْ شياطينَ التعطيل بل سدّت المَنفذَ البريَّ الوحيدَ أمامَ ألوفِ الصناعيينَ والمزارعينَ الذين بات عليهم أن يَلُفوا السبعة بحور لوصولِ منتوجاتِهم إلى موانيءِ دولِ الجوارِ العربيِّ والخليجيّ والقول بالمِثل يُقرن فإنّ شرِكةً واحدةً مِن ألوفِ الشرِكاتِ تَدفَعُ مِليونَي دولارٍ سنوياً فرْقَ عملةٍ بينَ الشَّحنِ البحريِّ والشَّحنِ البريّ عَبرَ مَعبرِ نَصيب وإذا كان الحريري قد اتّخذَ قرارَ التعطيلِ عن سابقِ إصرارٍ وتصميم "فمين اللي فتح الردة"؟. في استعراضِ المواقفِ تلاقى التيارُ الوطنيُّ الحرّ معَ حركةِ أمل في استحضارِ العَلاقةِ اللبنانيةِ السوريةِ لاستحداثِ أداةِ الشرطِ الجديدة حزبُ الله طالب بشدِّ الأحصنة ورئيسُ مجلسِ النواب نبيه بري قال إنّ هذا الكلام لا يُفيد ليتبيّنَ أنّ وراءَ الأَكَمَةِ ما وراءَها بالإيعازِ إلى صِحافيّ غب الطلب ليقولَ للحريري ما قالَه. الرسائلُ المتبادلةُ استمرّتِ اليوم وفي احتفالٍ لكشافةِ الرسالةِ قال بري لن نقبلَ باستمرارِ حرقِ الوقت وصرفِه مِن دونِ طائل ولا بتأجيلِ بناءِ السلطةِ التنفيذيةِ عَبرَ تشكيلِ الحكومة داعياً وبالسُّرعةِ القُصوى إلى لملمةِ الوضعِ المتشظي ولمِّ مِلفِّ النُفايات وبناءِ القدُراتِ الوطنيةِ لطيِّ مِلفِّ الكهرَباء حيث طالب بحلولٍ جَذْريةٍ لا تعتمدُ على البواخرِ ولا على فِخاخِ المولدات وصدّق مَن قال إذا ابتلي أصحابُ المولّداتِ بالمعاصي فليستتروا بنعمةِ الغطاءِ السياسيّ.