المقدّمة: "آخ يا بلدنا"
فيما رئيسُ الحكومةِ سعد الحريري يجوبُ مضاربَ بني عبدِ العزيز بَحثاً عن فَلسِ الَأرملة فإنّ السرايا تحوّلت الى خليةٍ لاجتماعاتٍ متواصلةٍ تَعقِدُها اللَّجنةُ الوزاريةُ المكلّفةُ درسَ مشروعِ قانونِ الموازنة وإذا ما تفاءلنا خيراً بولادةِ موازنةٍ جاريةٍ على مقادريها تقطعُ الطريقَ أمامَ الصرفِ على القاعدةِ الاثني عشَرية فإنّ الموازنةَ قيدَ الدرس قدِ اقتَطعت عشرينَ في المئةِ مِن موازناتِ الِوزاراتِ بغيةَ خفضِ العجز وهي لامسَتِ المحظورَ في ميزانِ الدعم ووَضَعت نُصبَ عينَيها الحلْقةَ الأضعفَ في ميزانِ الصرف فلم تجدْ غيرَ الجمعياتِ التي تُعنى بشؤونِ ذوي الحاجاتِ الخاصةِ مِزراباً للهدرِ لتقيمَ الحدَّ عليه فتداعى أولياءُ الحاجةِ إلى اعتصامٍ على طريقِ القصرِ الجمهوريّ لرفعِ الصوتِ والغَبنِ عن ثمانيةٍ وتسعين ألفَ مواطنٍ كَفَلَ القانونُ لهم حقَّ التعلمِ والاستشفاءِ والاندماجِ في المجتمع صرخةُ المحتجين تخطّت أسوارَ السرايا ووصَلت إلى مسامعِ المجتمعين ففعلت فعلَها وصانت حقوقَهم. موازنةٌ تلحقُ بموازنة وملياراتُ العجزِ تتراكم وصراخٌ مِن نوعٍ آخرَ قد يُنعشُ ذوي الألبابِ المجتمعينَ على تقليصِ أموالِ الخِدْماتِ لحسابِ أموالِ السَّرِقات وبجردةِ حسابٍ بمفعولٍ رجعي مِن أقربِ المِلفاتِ إلى أبعدِها ماذا عن تلزيمِ بواخرِ الكهرَباءِ المهدورةِ لاستيلادِ طاقةٍ بلا طاقة؟ ماذا عن الملياراتِ التي تُدفعُ سنوياً لأبينةٍ مستأجرةٍ لإداراتٍ رسمية؟ ماذا عن الاستدانةِ لسدِّ العجزِ فيما يُكافأُ المخالفونَ والمتهربونَ مِنَ الضريبةِ بمنحِهم مزيداً منَ الإعفاءاتِ الضريبية؟ ماذا عن الأملاكِ البحريةِ والنهريةِ المصادرةِ على قاعدةِ ستة وستة مكرّر مِن فقشِ الموج عند رأسِ الناقورة إلى مَصبِّ النهرِ الكبير؟ ماذا عن مغارةِ الجمارك وعلي بابا والأربعين حرامي المحميينَ برؤوسٍ حامية؟ ماذا عن سرِقةِ أموالِ الدولةِ عَبرَ وَضعِ اليدِ على آلافِ الأمتارِ مِن المشاعات وبيعِها بالوَكالةِ مِن هالك لمالك بخَتمٍ قضائي؟ ماذا عن مئاتِ الجمعياتِ المرصودةِ بملايينِ الليراتِ لفعلِ خيرٍ لا فاعلَ له تتبوؤُها سيداتٌ مِن رتبةِ زوجاتِ نوابٍ ووزراءَ ورؤساءَ لزومَ "البرستيج" الاجتماعي؟ في المقابل ماذا رصَدتُم للموتِ المتكرّرِ على أبوابِ المستشفيات؟ لإصلاحٍ في النظامِ الصحيِّ والتربويِّ والوظيفيّ؟ لبنىً تحتيةٍ مهترئةٍ وطرقاتٍ تتحوّلُ الى بحيراتٍ عند مطلِعِ كلِّ شتوة؟ ليسَ الحلُّ في اقتطاعِ ما تيسّرَ للمواطنِ مِن أدنى الخِدْمات بل بوقفِ الهدرِ المقوننِ ومحاربةِ الفساد والكلامُ في هذا المَقام ليس من عنديّاتِنا فعضوُ كُتلةِ الوفاءِ للمقاومة ِالنائب حسن فضل الله قال إنّ ثمةَ وثائقَ للدولةِ اللبنانية اذا ما كَشف عنها فإنّ شخصياتٍ كبيرةً تَدخُلُ السِّجن ونحنُ نتكلّمُ على عشراتِ ملياراتِ الدولارات مِن الهدرِ والسرِقة وإن هباتٍ من جهاتٍ دَوليةٍ وحكوماتٍ لم تدخل حسابَ المالِ العام وانما صُرفت من خارجِ الآلياتِ القانونيةِ المعتمدة فهل مَن يحاسب؟؟