المقدمة
الدولة "عِملت أبو علي" على المواطن ورَفع "نهر أبو علي" منسوبَه متطاولاً على الناس شمالاً، متواطئاً معَ الطبيعة ومعَ نظرائِه الأنهر من العاصي إلى الحاصباني وتحقّقت معادلة "من النهر إلى البحر" في شكا عندما سَبحت إحدى السيارات لتُلاقي حتفَها في المتوسط وتحتَ سقفِ رُبعِ عاصفة لم يتمكّن أيُ تيارٍ سياسي منَ العبور ونَزَلَ غضبُ أبناءِ الله على التيارات بأنواعها حيث لقّنوا الدولة كفّاً بعدما صَفعتْهم بيدٍ من عميد على أنّ الصفعةَ الصامتة والتي ستُعلِّم على مستقبلِ لبنان الماليّ والاقتصادي ستتمثَّلُ في كفِّ الموازنة وغداً جلسةٌ استثنائية لمجلسِ الوزراء ستَطرُقُ أولَ أبوابِها، ليس بهدفِ إنجازِها بحسَبِ المواقيتِ القانونية التي تخطّيناها بل لتقديمِها رسالةً شفّافة إلى المؤتمراتِ الدوليةِ المانحة المَحشوّةِ بمِلياراتِ دينٍ جديدة وفي جلسةِ الغد سوف يُطلَبُ إلى الوزراء ضرورةُ شَدِّ الأحزمة والاستعدادِ للتقشُّف وإجراءِ تنزيلاتٍ ورَقابةٍ على مَصروفِ وَزاراتِهم لاسيما أنّهم دَخلوا الزمنَ الانتخابيّ الذي سيُعَدُّ أيُ مشروعٍ فيه بمثابةِ الرَشوة لكنَ مضمونَ أرقامِ الموازنة يُشيرُ بوضوح إلى أموالٍ تُصرفُ على الرواتب وهدْرِ الكهرباء الذي يُلامِسُ مِلياري دولار ولا يتبقّى للوزاراتِ المتصلة بهمومِ الناس ومعيشتِهم وصِحتِهم وتربيتِهم سوى أقلَ من خمسةَ عَشَرَ في المئة من الموازنة وهذا ما سيَجري "التشاطرُ عليه" غداً والانقضاضُ على اللحمِ الحيّ بعدما أَخذتِ الصفقاتُ الكبرى طريقَها إلى التنفيذ. كفُّ الموازنة يُخفِّض من جَيبِنا ويُفاوِضُ بالجيوب الواسعة المنتشرة براً وبحراً ويتوقع ان تدخل الحكومة من باب عجز الكهرباء لتطرح الصوت وتهّول بالرقم المرتفع لتحفز على الاسراع بالسير في خطة البواخر كحل انقاذ لكنها لو سلكت الدرب القويم منذ الصيف الماضي عبر المناقصة بدفتر شروط مفتوح للمنافسة والتلزيمات والموافقة على حل المعامل على البر لكانت رست اليوم على بر كهربائي وتجاوزت خطر العتمة وعليه فإن خفض الأكلاف لن يكون عبر موازنة المواطن الهزيلة بل إذهبوا وخفضوا من مشاريعكم ومبانيكم ومشاعاتكم التي تهبونها بالمجان وبعدها "بلطوا البحر".