من أجمل قصائد الغزل، المشحونة بالشوق، قالها المتنبي في سيف الدولة أواخر حياته، بعد أن بعث إليه بابنه محمد يطلب منه القدوم إلى حلب، لكن مقدمتها تمازج بينه وبين الرسول في العشق، فهو يعشق والرسول متيم، إذ أن عيون الحبيبة أربكت الاثنين، فأصبح الرسول يخون وأصبحت الامانات تخفق فتحول العقول دون القلوب، ويشتكي الاثنان من ألم الشوق والعاطفة القوية،
يقول في بعض أبياتها:
مالَنا كُلُّنا جَوٍ يا رَسولُ *** أَنا أَهوى وَقَلبُكَ المَتبولُ
كُلَّما عادَ مَن بَعَثتُ إِلَيها *** غارَ مِنّي وَخانَ فيما يَقولُ
أَفسَدَت بَينَنا الأَماناتِ عَينا *** ها وَخانَت قُلوبَهُنَّ العُقولُ
تَشتَكي ما اشتَكَيتُ مِن أَلَمِ الشَو *** قِ إِلَيها وَالشَوقُ حَيثُ النُحولُ
وَإِذا خامَرَ الهَوى قَلبَ صَبٍّ *** فَعَلَيهِ لِكُلِّ عَينٍ دَليلُ
زَوِّدينا مِن حُسنِ وَجهَكِ ما دا *** مَ فَحُسنُ الوُجوهِ حالٌ تَحولُ
وَصِلينا نَصِلكِ في هَذِهِ الدُنـ *** ـيا فَإِنَّ المُقامَ فيها قَليلُ
نَحنُ أَدرى وَقَد سَأَلنا بِنَجدٍ *** أَقَصيرٌ طَريقُنا أَم يَطولُ
وَكَثيرٌ مِنَ السُؤالِ اِشتِياقٌ *** وَكَثيرٌ مِن رَدِّهِ تَعليلُ
زودينا من حسن وجهك ما دا *** م فحسن الوجوه حال تحول
وصلينا نصلك في هذه الدنـ *** ـيا فإن المقام فيها قليل
بصوت د. علي بن تميم
مونتاج نجيب زيتوني