رائعة من روائع المتنبي، من قصار قصائده، قالها وهو بمصر ولم ينشدها لأحد في حينه، تتحدث عن الزمان وعلاقة الإنسان بزمانه، سبق فيها فلاسفة العدمية واستهلها بعبارات تتواتر من جيل لآخر، يقول فيها إنه لم ينل أحد مراده من الدنيا فمات بغصته وإن سر في بعض الأحيان، وأن الليالي قد تحسن ولكن إحسانها لا يسلم من الكدر، لأن من عادتها أن ترد ما أحسنت به أو تدخل عليه أحوالاً أخرى تنغصه وتفسده
يقول فيها:
صَحِبَ النّاسُ قَبلَنا ذا الزّمَانَا وَعَنَاهُمْ مِن شأنِهِ مَا عَنَانَا
وَتَوَلّوْا بِغُصّةٍ كُلّهُمْ مِنْـ ـهُ وَإنْ سَرّ بَعْضَهُمْ أحْيَانَا
رُبّمَا تُحسِنُ الصّنيعَ لَيَالِيـ ـهِ وَلَكِنْ تُكَدّرُ الإحْسَانَا
كُلّمَا أنْبَتَ الزّمَانُ قَنَاةً رَكّبَ المَرْءُ في القَنَاةِ سِنَانَا
وَمُرَادُ النّفُوسِ أصْغَرُ من أنْ تَتَعَادَى فيهِ وَأنْ تَتَفَانَى
غَيرَ أنّ الفَتى يُلاقي المَنَايَا كالِحَاتٍ وَلا يُلاقي الهَوَانَا
وَلَوَ أنّ الحَيَاةَ تَبْقَى لِحَيٍّ لَعَدَدْنَا أضَلّنَا الشّجْعَانَا
وَإذا لم يَكُنْ مِنَ المَوْتِ بُدٌّ فَمِنَ العَجْزِ أنْ تكُونَ جَبَانَا
كلّ ما لم يكُنْ من الصّعبِ في الأنـ ـفُسِ سَهْلٌ فيها إذا هوَ كانَا
بصوت. د.علي بن تميم
مونتاج: نجيب زيتوني