مقدمة النشرة المسائية ليوم الأربعاء 09-08-2017 مع جورج صليبي من قناة الجديد
ضرَرُ سوريا يقعُ على لبنان نزوحاً وهدايا إرهاب لكنّه عندما تقرّرُ الدولةُ المنكوبةُ أن تقول " عمرّها " ينأى بلدُنا عن المشاركةِ ويَضعُ سقوفاً وأطروحاتٍ سياسية ويذهبُ به الوهمُ إلى حدِّ الاعتقادِ بأنّه بذَهابِه الى سوريا سينقذُ نظامَها ويَحمي أسدَها منَ السقوط ويشكّلُ رافعةً عربيةً دَوليةً لدولةٍ قامت مِن تحتِ الردم .
هذا النقاشُ حلّق فوقَ جلسةِ مجلسِ الوزراءِ اليوم وسَطَ انقسامٍ بينَ مؤيِّدٍ ومعارِض لكنّ الرئيس سعد الحريري رأى أنّ أيَّ وزيرٍ سيذهبُ لزيارةِ سوريا سيكونُ عَبْرَ نفقتِه السياسيةِ الشخصيةِ وليس بقرارٍ مِن مجلسِ الوزراء الذي نأى بنفسِه عن المحاورِ الإقليميةِ باعتبارِ أنّ الحكومةَ هي حكومةُ وَحدةٍ وطنية.
وعلى المشاركةِ اللبنانيةِ عَقد رئيسُ حزبِ "القواتِ اللبنانية" سمير جعجع مؤتمراً صِحافيًا انتَقد فيه محاولاتِ بعضِ الأفرقاءِ التنسيقَ معَ نظام بشار الأسد بهدفِ تعويمِه ووَضَعَ جعجع ما جرى اليومَ في مجلسِ الوزراء في إطارِ إعطاء النظام السوريِّ جُرعةَ دعمٍ سياسيةً دِبلوماسيةً على حسابِ لبنان واستهجن كيف يريدُ بعضُ الوزراءِ زيارةَ سوريا بصفةٍ رسميةٍ لإتمامِ اتفاقياتٍ اقتصادية وكأنّ هناك اقتصاداً في سوريا، وتساءل: أليست هذه مُزحةً كبيرةً ومصدرَ غِشٍ للرأيِ العامِّ اللبنانيّ عَبرَ التصويرِ له أننا سنأتي بالمَنِّ والسَّلوى مِن سوريا إلى لبنان؟ على أنّ المُزحةَ تَكمُنُ في الاعتقادِ بأنّ معراب ستعوّمُ الأسد .. وأنّ الحكيمَ الذي وَعَدَ بسقوطِ النظام قبلَ سنواتٍ سيَصدُقُ وعدُه كما سقطَ الرئيس إميل لحود في حملةْ فِل الشهيرة. وتصبحُ المُزحةُ أكثرَ سماجةً عندما نمنعُ لبنانَ مِن المشاركةِ في جنيِ الأموالِ الطائلةِ مِن وراءِ مشاركةِ الشرِكاتِ في إعادةِ الإعمار فيما ستتهافتُ الشركاتُ الدّوليةُ على سوريا لقطفِ المحصول. ثُم ما المَغزى من دعوةِ الوزراءِ إلى زيارةِ سوريا بصفتِهم الشخصية ؟ فهل لدى وزيرِ الصناعةِ المشهودِ بآدميتِه حسين الحاج حسن منافعُ خاصةٌ سيأتي بها مِن دمشق إلى شارع هادي نصرالله ؟
فإذا كان بعضُ الوزراءِ والمدعومين بخلفياتِهم السياسية سيقصِدونَ سوريا للاصطفافِ معَ النظام في إعادةِ الإعمارِ فإن الجبهةَ اللبنانيةَ المضادةَ تصطفُّ في الاتجاهِ المعاكس لتحرِمَ لبنانَ فُرَصَ ازدهارِ سوريا . هي مماحكاتٌ سياسيةٌ ومزايداتٌ بلا طائل بدأت برفضِ التحدّثِ الى السوري في شأنِ الحدود ثُم النازحين ولاحقاً في أزْمةِ جرود عرسال واليومَ في استبعادِ التنسيقِ حِيالَ معركةٍ مشتركةٍ بينَ الجيشينِ السوريِّ واللبنانيِّ في القاع ورأس بعلبك واخيرًا في إعادةِ الإعمارِ أيْ في المسألةِ الوحيدةِ التي ستُشكلُ منفعةً ماليةً لهذا البلد .
العالم يتجهُ سياسياً واقتصادياً إلى سوريا .. ونحن نغربُ وجهَنا وننأي بأنفسِنا المتعدّدة ونغيّرُ التاريخَ والحضاراتِ والثقافةَ المشتركةَ التي ثبّتت يوماً معادلة " إنْ ما سهرنا ببيروت .. بنسهر بالشام " .