نور على الدرب: حكم السفر إلى بلاد الكفار ومفاسده - الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز (رحمه الله)
السؤال: يقول أخيراً في هذه الرسالة: نلاحظ تناقضاً كبيراً بين المسلمين في القول والعمل، فالمسلمون الذين يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويعتادون المساجد ويؤدون الفرائض نجد من بعضهم سلوكاً يختلف عن سلوك أصحاب النبي ﷺ، وعندما يسافر أحد من الناس إلى أوروبا التي أصبحت بلا دين بعد أن تركت تعاليم الكنيسة يعود المسافر ويقول: لقد رأيت أخلاقاً أفضل من أخلاق المسلمين، فبماذا توجهون أمثال هؤلاء وفقكم الله؟
الجواب: أولاً: لا يجوز السفر إلى بلاد أهل الشرك؛ لأن السفر إليهم من أسباب الضلالة ومن أسباب الرجوع عن الدين، ومن أسباب سماع شبههم وضلالاتهم وكيدهم للإسلام، فربما ضل بأسبابهم وما يلقون عليه من الشبه، فلا يجوز للمسلم أن يسافر إلى بلاد أهل الشرك، ولا الإقامة بينهم لما في هذا من الخطر العظيم، ولما يلقونه من الشبه، ولما يراه من الفساد العظيم هناك، من الشركيات والزنا واللواط، وسائر المعاصي الكثيرة، فربما تأثر بها وزاغ قلبه بأسباب ذلك؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين لا تراءى ناراهما ، وروي عنه ﷺ أنه قال: من جامع المشرك أو سكن معه فهو مثله فيجب على المسلم أن يحذر السفر إلى بلاد أهل الشرك، والإقامة بينهم، لا للتجارة ولا غيرها، يجب الحذر ولا سيما في هذه الأوقات التي كثر فيها الشر والفساد، وانتشر فيها الكفر والإلحاد، فينبغي الحذر، اللهم إلا أن يكون ذا علم وذا بصيرة يدعو إلى الله، و يعلم الناس الخير ويرشدهم إلى الحق، فهذا معذور؛ لأنه يدعو إلى الله ويظهر دينه، فهو نافع هناك، وقد يهدي الله على يديه جماً غفيراً.
أما الجاهل والذي ليس عنده بصيرة في دينه فهذا يجب عليه الحذر وأن لا يسافر، أما كونه يغتر بأخلاقهم وأعمالهم فهذا من جملة الفساد الذي يخشى منه، فقد يغتر بهم من جهة ما عندهم من صناعات أو اختراعات أو أشياء أخرى... فيما بينهم تغر هذا المسكين الجاهل الذي لا يعرف الإسلام ولا أحكام الإسلام، وإنما يعرف بعض المسلمين، وبعض المسلمين عندهم أخلاق سيئة.. عندهم كذب.. عندهم ربا.. عندهم زنا.. عندهم شرب مسكر، ليس كل مسلم متحفظاً تاركاً لما حرم الله عليه، فقد يغتر هذا المسكين الذي سافر إلى بلاد الشرك، ويرى عند بعض أولئك شيئاً من أخلاقهم الدنيوية المعيشية فيغتر بها، فيجب الحذر من السفر إليهم، والإقامة بينهم ويجب على المسلم أن يعتصم بدينه، ويتمسك بدينه، ويكثر من قراءة القرآن وتدبر القرآن حتى يعرف دين الله، وهكذا يتبصر في سيرة النبي ﷺ وسيرة أصحابه الذين هم خير الخلق بعد الأنبياء حتى يعرف أعمالهم الطيبة، وسيرتهم الحميدة، وجهادهم الصادق، فيعلم أنهم هم أهل الخير، وهم القدوة، وهم السادة وهم الذي ينبغي التأسي بهم، والسير على منهاجهم، وإذا خالفهم من بعدهم من المسلمين في بعض الأخلاق فاللوم على من خالفهم، وتنكب طريقهم، فعليك -يا عبد الله- أن تسلك الطريق المعروف الذي سلكه النبي ﷺ وسلكه أصحابه في الأخلاق والأعمال والسيرة ولا تغتر بمن حاد عن طريقهم من المسلمين أو غيرهم، نسأل الله السلامة....
https://binbaz.org.sa/fatwas/6748/%D8%AD%D9%83%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%89-%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%81%D8%A7%D8%B1-%D9%88%D9%85%D9%81%D8%A7%D8%B3%D8%AF%D9%87