نور على الدرب: حكم من سب الدين عند الغضب - الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز (رحمه الله)

Tawheed 2021-05-29

Views 4

نور على الدرب: حكم من سب الدين عند الغضب - الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز (رحمه الله)

السؤال:
هذا السائل: محمد أحمد علي من الأردن - عمان بعث بسؤالين قد أجيب على سؤاله الأول في الحلقة الماضية وهذا سؤاله الثاني نعرضه على فضيلتكم يقول فيه: إذا غضب الشخص واشتد به الغضب فحصل منه سب للدين فما حكمه، وإن كان متزوجًا فهل يلحق زوجته شيء كأن تفارقه مثلًا إذا كان الحكم بخروجه عن الإسلام؟

الجواب:
هذه مسألة عظيمة ولها شأن خطير؛ سب الدين من أعظم الكبائر والنواقض للإسلام، فإن سب الدين ردة عند جميع أهل العلم، وهو شر من الاستهزاء قال الله تعالى: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ۝ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ[التوبة:66]، وكانت جارية في عهد النبي ﷺ تسب النبي ﷺ فقتلها سيدها لما لم تتب، فقال النبي ﷺ: ألا اشهدوا إن دمها هدر.
سب الدين يوجب الردة عن الإسلام، وسب الرسول ﷺ كذلك يوجب الردة عن الإسلام ويكون صاحبه مهدر الدم وماله لبيت المال، لكونه مرتدًا أتى بناقض من نواقض الإسلام، لكن إذا كان عن شدة غضب واختلال عقل فله حكم آخر، والغضب عند أهل العلم له ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى: أن يشتد غضبه حتى يفقد عقله وحتى لا يبقى معه تمييز من شدة الغضب فهذا حكمه حكم المجانين والمعاتيه لا يترتب على كلامه حكم لا طلاقه ولا سبه ولا غير ذلك، يكون كالمجنون لا يترتب عليه حكم.
القسم الثاني: دون ذلك، اشتد معه الغضب وغلب عليه الغضب جدًا حتى غيَّر فكره وحتى لم يضبط نفسه واستولى عليه استيلاء كاملًا حتى صار كالمكره والمدفوع الذي لا يستطيع التخلص مما في نفسه لكنه دون الأول، لم يزل شعوره بالكلية، ولم يفقد عقله بالكلية، لكن معه شدة غضب بأسباب المسابة والمخاصمة والنزاع الذي بينه وبين بعض الناس، بينه وبين أهله أو زوجته أو أبيه أو أميره أو غير ذلك، فهذا اختلف فيه العلماء:
فمنهم من قال: حكمه حكم الصاحي وحكم العاقل ... تجري فيه أحكام يقع طلاقه، ويرتد بسبه الدين، ويحكم بقتله وردته، ويفرق بينه وبين أهله بين زوجته، ومنهم من قال: يلحق بالأول الذي فقد عقله؛ لأنه أقرب إليه؛ ولأن مثله مدفوع مكره إلى النطق لا يستطيع التخلص من ذلك لشدة الغضب، وهذا القول أظهر وأقرب، وأن حكمه حكم من فقد عقله في هذا المعنى في عدم وقوع طلاقه وفي عدم ردته؛ لأنه يشبه فاقد الشعور بسبب شدة غضبه واستيلاء سلطان الغضب عليه حتى لم يتمكن من التخلص من ذلك، واحتجوا على هذا بقصة موسى عليه الصلاة والسلام فإنه لما وجد قومه على عبادة العجل اشتد غضبه عليهم وجاء وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه، مع شدة غضب فلم يؤاخذه الله لا بإلقاء الألواح، ولا بجر أخيه وهو نبي مثله هارون من أجل شدة الغضب، ولو ألقاها تهاونًا بها وهو يعقل الإنسان لكان هذا عظيمًا، ولو جر النبي بلحيته أو رأسه وآذاه صار كفرًا، لو جره إنسان، لكن لما كان موسى في شدة الغضب العظيم غضبًا لله  على ما جرى من قومه سامحه الله ولم يؤاخذ بإلقاء الألواح ولا بجر أخيه هذه من حجج الذين قالوا: إن طلاق هذا - الذي اشتد به الغضب - لا يقع وهكذا سبه لا تقع به الردة، وهو قول قوي ظاهر وله حجج أخرى كثيرة بسطها شيخ الإسلام ابن...

https://binbaz.org.sa/fatwas/14129/%D8%AD%D9%83%D9%85-%D9%85%D9%86-%D8%B3%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D8%B9%D9%86%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B6%D8%A8

Share This Video


Download

  
Report form
RELATED VIDEOS