على ارتفاعِ اثني عشَرَ ألفاً فوقَ سطحِ الدولار طارت العُملةُ الصعبةُ في سبتِ الليرةِ الاسود نهايةُ أسبوعٍ حارقةٌ للورقةِ الوطنية التي فقدت قيمتَها بالتوزاي مع فِقدانِ هيبةِ الحُكم . وفي الهيبةِ والقيمة فإن الحلولَ غيرُ موضوعة بالخدمةِ على خطين وحدَه الشارعُ واصلَ احتجاجَه اليومَ مِن ساحةِ الشهداء حيث رفع العسكريون المتقاعدون خيامَهم قبل أن يرتحلوا من محيطِ مجلسِ النواب . نجح المتظاهرون في خلعِ أولِ الحصونِ الحديديةفتحولَ عناصرُ شرطةِ المجلس إلى "معلمي لحام" لكنّ مجلسَ الأمةِ متحصّنٌ "بسور ورا سور" والمتظاهرينَ لا يملِكون إلا سلاحَ الغضب في وجهِ سلطةٍ تُداري عجزَها بالتواري عن الأدوار ورئيسِ جمهوريةٍ رمى في بازارِ التأليف معادلتَه الجديدة " جبران أو الفوضى" . فلت " ملق" الدولارُ بصِفر يناطح صِفراً ووقعَ التضاربُ في السوقِ السوداء حيث أدت المضاربةُ بالعُملةِ الصعبة إلى الارتفاعِ الجنونيِّ للدولار مقابلَ الانحدارِ الهائلِ لقيمةِ الليرةِ اللبنانية وأمام هذه الكارثة وانسدادِ الحلولِ مؤسساتٌ تجاريةٌ من صغيرِها إلى كبيرِها استغلَّت فرصةَ الأزْمةِ وأقفلت أبوابَها استعداداً لطبعِ أسعارٍ جديدةٍ على السلع خبأت المدعوم لتسرِقَ الدعمَ من أفواهِ المواطنين وبعضُ المؤوسسات أحرق الأكياسَ والعُبُوّاتِ ليُعيدَ تعبئةَ الموادِ وبيعِها بأسعارٍ مرتفعة كلُّ ذلك على مرأىً مِن جمعيةِ حمايةِ المستهلكِ ووِزارةِ دعمِ طعامِ الحيواناتِ الأليفة . الناسُ بدأ يأكُلُ بعضُها بعضًا والسلطةُ في غيبوبةِ أهلِ الكهف ووحدَه رئيسُ الجمهورية استبق اثنينِ الغضب باستدعاءِ السلكِ الأمنيِّ والعسكريِّ والمالي لا ليُعلنَ حالَ الطوارىءِ الاقتصاديةَ والمعيشيةَ في البلاد بل ليسطّرَ مَضبطَةَ جلبٍ لقائدِ الجيش جوزف عون إلى بيتِ الطاعة بعد الكلمةِ التي وجّهها الجنرال أمامَ قادةِ الوَحَداتِ العسكريةِ في اليرزة ليَسمعَ جنرال بعبدا. وبمفعولٍ رجعيّ عن حربِ الجنرالَين فقد كَشف موقعُ ( 180 بوست ) أنّ رئيسَ الجُمهورية قال في الاجتماع أنا ميشال عون ما حدا يجربني عامَ تسعين رفضتُ التنازلَ تحتَ ضغطِ المِدفع والآنَ لن أتنازلَ تحتَ ضغطِ الدولار . كلامٌ غيرُ مسؤولٍ مِن أرفعِ قياداتِ البلد مِن رئيسٍ مؤتمنٍ على الدستور فعن أيِّ تنازلٍ يتحدّث؟ وهل التفاهمُ بحسَبِ الأصولِ يُعَدُّ في عُرفِ ميشال عون تنازلاً ؟ يَظهرُ رئيسُ الجمُهورية في حُلةِ القائدِ العصيِّ على الخضوع وهو نفسُه حملَ العصا وأقعدَ البلد اكثرَ من سنتينِ من الفراغِ حتى يقبِضَ على كرسيِّ بعبدا ومِن هذا المَقام فإنّ الخضوعَ للدستور لن يصبحَ مَذلة بل هو في صُلبِ مَهامِّ الرئيسِ الموكلِ اليهِ جمعُ اللبنانيينَ مِن كلِّ المكوِّناتِ للوصولِ إلى حلّ بدلاً من التفرّدِ بالحل فأين البطولةُ أيها الجنرالُ في أن تُسحَق ولا توقّع وأنت رأسُ الدولةِ شئتَ أم أبيت فإنّ مصلحةَ لبنانَ تتقدّمُ على مصلحةِ جبران والفوضى ثالثُكما وبما أننا قد وصلنا إلى بوابةِ جَهنمَ فإنّ الشعبَ الذي سمّيتَه عظيماً هو في انتظارِك لقصِّ الشريط.
والازْمةُ كلُّ الازمة أنّ الحكمَ بأطيافِه يعيشُ على "مسبار "ٍ آخرَ ويتركُ اللبنانيين على مثلّثٍ مَسنون ونترُكُ لكم الاعتمادَ على المخيِّلة .
لا احدَ يرى في لبنان كارثةً وقَعت وهم ت?