اليوم هو المكمّلُ لعُطلةِ العيد وغداً تعودُ المحرِّكاتُ السياسيةُ للاشتعالِ من حيثُ انطفأت وعليه فإنّ الأنظارَ تتجهُ بعدَ الغدِ إلى مجلسِ الوزراء بجلسةٍ عُنوانُها سلعاتا وما بعدَ بعدِ سلعاتا ومنها إلى مجلسِ النواب والجلسةِ التشريعيةِ التي يتصدرُها قانونُ العفوِ المفخّخ بقضيةِ العملاءِ الفارين إلى فلسطين المحتلة حيث دخل هذا القانونُ البازار السياسيّ بينَ مدافعٍ عن عودتِهم المشروطة ِبالتخلي عن الجنسيةِ الإسرائيلية وبين من يرى في عودةِ العملاءِ اغتيالاً لكلِ التضحياتِ وخيانةً للدماء التي أُريقت على مدى سني الاحتلال لتحرير الأرض. ربما مهدّت صفقةُ إطلاق سراح جزار الخيام عامر الفاخوري طريقَ عودتِهم لكنَ المؤكّد أن في بلد التناقضات كلبنان تُصبحُ فيه العِمالةُ حمّالة أوجه والقضاءُ فيه يحكُمُ على شاكلةِ السياسة وربطاً يجوزُ السؤالُ أين أصبحت التشكيلاتُ القضائية؟ فوزيرةُ العدل ماري كلود نجم تلعبُ دورَ السجّان تطلبُ الى السياسيين عدمَ التدخّلِ لكنها تَعتقلُ أسماءَ القضاة وتنتظرُ إشارةً مِن وليِّ الأمرِ السياسيّ للإفراج عن اللائحةِ بما يرضيه لا بما يَفرِضُه القانون من وضع الرجل المناسب في المكان المناسب. وما تفعله وزيرةُ العدل ينطبق على ما يقوم به مجلس النواب من مصادرة القرار في تطبيق قانون حق الوصول إلى المعلومة في أدراجه القانون الذي أُقر منذُ ثلاثةِ أعوام أَوقفت العمل به حكومةُ الرئيس سعد الحريري فأين حكومةُ حسان دياب من وضعِ هذا القانون كأولويةٍ على طاولةِ مجلسِ الوزراء؟ وإصدارِ مراسيمَ تطبيقيةٍ للانطلاقِ بحملةِ الإصلاحاتِ الحكومية وعلى رأسِها مكافحةُ الفساد واستعادةُ المال المنهوب. حقُّ الوصولِ إلى المعلومة هو المدخلُ الى استعادة هذه الأموال ومعرفة السارق والناهب والقابض على روح المال العام على الحكومةِ أن تحدّدَ كيف نُهبت الأموالُ من خلال التهرب الضريبي والفسادِ الناجمِ عن التلزيمات حكومةُ دياب مطالبةٌ بإقرار المراسيمِ التطبيقية ولبنان وقّع عامَ ألفين وتسعة اتفاقيةَ مكافحةِ الفساد مع الأمم المتحدة وبموجِب القانون الدولي والاتفاقيات الموقّعة باستطاعة الحكومة أن تزوّد الجهات الدَّولية المعنية بأسماءِ كلِّ مَن تعاقَبَ على وِزارةٍ أو إدارةٍ عامة أو حتى رؤساء للتحقيق في مصادرِ أموالِهم على قاعدة أن كلّ متهمٍ بريء حتّى تَثبُتَ إدانتُه وبموجِبِ الاتفاقياتِ الموقعةِ باستطاعةِ لبنان أن يطالبَ أيَّ دولةٍ بتقديمِ المعلوماتِ عملاً بالمِثْل. وإذا كان التهربُ الضريبي يُعَدُّ جريمةً في أوروبا ودولِ العالم فإن القبضَ على حقِّ الوصولِ إلى المعلومة في لبنان هو لغايةٍ في نفسِ حمايةِ الفاسدين وسارقي المال العام وما على دياب إلا إطلاقُ يدِ الحكومة في إقرار المراسيم التطبيقية كأولِ خطوةٍ على طريق ألف ميل مكافحةِ الفساد واستعادةِ المال المنهوب.