المقدمة
لا صوتَ يعلو فوقَ صوتِ المعركة فالجيشُ أَعَدَّ الخرائطَ وجَهّزَ غرفةَ العملياتِ استعداداً لحَسمٍ سيبدأُ على مرمى طلوعِ فجر ومعَ رنينِ السلاح تُحالُ المِلفاتُ إلى معادلةِ مناطقِ خَفضِ التوتّرِ الرائجةِ في سوريا وعَملاً بهذا المبدأ تبدو السلسلةُ إلى توقيعٍ حتميّ والكهرَباءُ نحوَ عَتَمَةٍ في التيارِ والمناقصةِ معاً وحتّى كهربةُ الأجواءِ بينَ الرئيسَينِ ميقاتي والحريري تخضَعُ بدورِها لخفضِ التوتّر ولو بعدَ حين إذ لا الحريري سيطرحُ المبارزةَ ولا ميقاتي مستعدٌّ لسنِّ السيوف وكلاهما خاضَ اليومَ معركةً افتراضيةً يَجري تخزينُها للصًّندوقةِ الانتخابية وقد وَجدَ رئيسُ الحكومةِ أنّ الردَّ على رئيسِ السرايا الأسبقِ يَحلو مِن مَلعبِه فخاطبَه مِنَ البحصاص بوابةِ مدينةِ طرابلس قائلاً: إنَّ كلَّ واحدٍ يَعرفُ صلاحياتِه ولا أحدَ يزايدُ على سعد الدين الحريري لكنَّ مشكلةَ اللبنانيينَ معَ الحريري ليسَت في المزايدة بل في المناقصة التي يبدو أنّها ستُطيّرُ مَن طيّرَها بعدما وُضِعَ جان العِلّية تحتَ الاستهدافِ لأنّه نطَقَ بالحقّ. ومناطقُ خفضِ التوتّرِ تنسحبُ عَربياً وخليجياً، لتشهدَ على تحولاتٍ سريعةٍ بدأت مِن قوافلِ الحَجيج القَطَريةِ إلى مكةَ على نفَقةِ الملِك وامتدّت إلى صحوةٍ مِن جنونِ الحروبِ المُدمّرة قد نَلمُسُ مفاعيلَها على مستوى المِنطقة ليتمكّنَ العالَمُ العربيُّ مِن تنميةِ مناطقِه بدلاً مِن إغراقِه في حروبٍ كلّفتِ الخليجَ ملياراتِ الدولارات وإذا كان الحجُّ إلى مكةَ قد أسّسَ لمرحلةِ الاستغفار فما على أمراءِ بيتِ اللهِ الحَرام إلا إتمامُ مناسِكِ الحجِّ السياسيِّ وإعلانُ توقّفِ الحروبِ ليتفبّلَ اللهُ غافرُ الذنوب وإنِ استطاعَ وليُّ العهدِ السُّعوديّ محمّد بن سلمان إلى الأمرِ سبيلاً فسيكونُ قد أنهى عصرَ القراراتِ العبثيةِ بخوضِ حروبٍ أنهكت أربعَ دولٍ هي اليمن وسوريا والعراق والصومال وتوقّفُ الحروبِ لم يعدْ خِياراً ولا هو نوبةَ ضميرٍ وطنية بل سيصبحُ "فَرْضَ عَيْن" بعدَ الخَسارةِ المدويةِ في الماليةِ والاقتصادِ السُّعوديّ عدا الخسائرِ على مُستوى الإنسانيةِ الذي يهدّدُ صانعِي الحربِ في اليمنِ بلائحةٍ سوداءَ جديدة فقد نَشرت مجلة ُالفورين بوليسي تقريراً سرياً للأممِ المتحدة اطّلعت عليه رويترز يتّهمُ السُّعوديةَ بارتكابِ انتهاكاتٍ خطِرةٍ لحقوقِ الإنسانِ مِن خلالِ استهدافِ الأطفالِ وقتلِهم وتشويهِهم في اليمن لكنْ ما لم يلحظْهُ التقريرُ أنّ إسرائيلَ هي المحرّكُ لطلَعاتِ التحالفِ الذي تقودُه السُّعودية وهي مَن زوّدَ الرياضَ بأهدافٍ خاطئةٍ لقصفِها بهدفِ استجرارِ المملكةِ لكي تكونَ أمامَ العالَمِ والأمم دولةً منتهكةً لحقوقِ الإنسان ولا تعودَ إسرائيلُ وحدَها في الميدان وفي حالِ قرّرتِ السُّعوديةُ اليومَ الخروجَ مِن هذا المُستنقعِ فإنّها ستحقّقُ مَكسِباً أبعدَ مِن دَرءِ الإفلاس ألا هو سَحبُ نفسِها مِن كماشةِ إسرائيل.