من ساحاتٍ ممتلئةِ النِّعمةِ البشريةِ على طولِ الشهداء وعَرضِ رياض الصلح ومِنصاتٍ تحلُفُ بالله العظيم مُسلمين ومسيحيين بأن نبقى موحّدين بَلغت ثورةُ الأرزِ في اثني عشَرَ عاماً أبدَ الآبدين ومن جماهيرَ غفورةٍ تَهتِفُ للسيادةِ والاستقلال إلى خفضٍ في النَّفقاتِ الجماهيريةِ في الاحتفالاتِ المغلقةِ داخلَ البيال وصولاً اليوم إلى الثورةِ الرمزيةِ المعلّبةِ بفيديو يُنشَرُ على مواقعِ التواصلِ الاجتماعيّ. غابت شمسُ الثورة "وصارَت 14 آذار غروب".. تَحلّلت من أمانتِها العامةِ وترّجلت فوارسُها السعيدة.. اختَفت ملامحُ صنّاعِها برجالِها ونسائِها "وبومبوناتِها".. ولم يبقَ إلا بعضُ فريقٍ سياسيٍّ يناضلُ ليربحَ الانتخاباتِ إذا خِيضت وعلى هذهِ الانتخابات فإنّ الكلامَ النجيب قد يكونُ هو الأكثرَ قرباً إلى الواقع.. بحيثُ تراءى للرئيس نجيب ميقاتي أنّ هناك تمديداً حتمياً لمجلس النواب حيث لا انتخابات ستُجرى في الربيعِ الحالي. العرّافةُ الشَّماليةُ لم تتنبأْ بالمستحيل.. حيث تؤشّرُ كلُّ المعطياتِ السياسية إلى سلوكِ هذا الدرب لاسيما إذا سَقط اقتراحُ جبران ثلاثة فسقوطُ اقتراح باسيل هو أيضاً حتميّ على يدِ مَن يدرُسونه حالياً وفي طليعتِهم حزبُ الله.. الذي رَفض أيَّ اقتراحٍ خارجَ النسبيةِ الكاملة وليغرّدْ مَن يغرّدُ أينما شاء وكيفما يشاء بحسَبِ تعبيرِ كبيرِ نوابِ الحزب محمّد رعد الذي قال إنّ التغييرَ ليس شعاراً بل هو ممارسةٌ ومعادلة.. والتغييرُ فيه اصطفافٌ ومعرفةٌ للحدود، ولا يجري بالحِفاظِ على الأحجامِ السابقة، ولا يفترضُ أيضاً تقليصُ الأحجامِ السابقة، كما لا يفترضُ تضخيمُ بعضِ الأحجامِ اللاحقة وبهذا الموقِفِ ترتسمُ معالمُ الرفض وإن كان جبران الثالث قدِ استرضى كبرى الكُتلِ السياسية بإعلانِه أنّ اقتراحَه هذا يراعي حزبَ الله والمستقبلَ وأمل والاشتراكيَّ والقواتِ والتيار لكنْ هل كان المطلوبُ أن يقفَ جبران باسيل عند خواطرِ السياسيين ويُرعى مصالحَهم أم عندَ مطالبِ الناسِ الناخبين؟ مَن كلّفه رسمَ قانونٍ على مَقاسِ حُكمٍ أكَلَ الاخضر وينتظرُ التهامَ اليابس؟ وهل نحن خائفون على مصيرِ مَن حَكموا البلدَ ثلاثينَ عاماً.. وفَضُّوا بَكارةَ مؤسساتِه ونهبوه عن بَكرةِ مرافقِه الحيوية؟ أم نحنُ نبحثُ عن تغييرٍ ونراعي طموحاتِ الشعبِ والاحزاب المهمشة وصوت الذين لا صوت لهم؟ لقد طمأننا باسيل انه راعي مصالح المستلبصين بالسلطة الممددين الباحثين عن تمديد ثالث.. وكان خوفنا على مصيرهم كبيراً.. لكن إذا كانت المشاربع السبعة عشر المحالة الى الهيئة العامة كفيلة بصنع حرب اهلية وفقاً لتصنيف رئيس مجلس النواب فأي وصف سينطبق على اقتراح باسيل الذي يشبه قانون التعيين حكماً.. هي الحرب العالمية النووية إذن.