نور على الدرب: حكم دعاء الأولياء والصالحين لتفريج الكروب - الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز (رحمه الله)
السؤال:
إذا المسلم وقع في محنة أو ضيق، فدعا الله ، ومن ثم دعا أحد الصالحين مثال الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس الله سره أو غير ذلك من الصالحين، فهل هذا جائز أم لا؟ دار جدال بيننا حول هذا الموضوع، وذكر أحد الإخوة بأنه سمع بإذنه بأن إحدى الإذاعات ذكرت بأن المؤمن إذا وقع في ضيق يجب عليه أن يقول: يا عبد القادر! ثلاث مرات، ويقول: يا ساكن بغداد! يا راعي الحمراء! -يبدو لي شيخ عبد العزيز -وحينئذٍ يفرج كربه في هذه الحالة أو يدعو أحد الرجال الصالحين دون ذكر الله، أفيدونا أفادكم الله، وشكر الله لكم.
الجواب:
الواجب على المسلم إذا وقع في ضيق وحاجة أن يضرع إلى الله سبحانه ويتوجه إليه جل وعلا ويسأله حاجته وكشف كربته، كما قال الله : أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ [النمل:62]، فهو سبحانه الذي يجيب المضطر، وهو القائل : وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة:186] ، وهو القائل سبحانه: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60].
فالواجب على المؤمن في هذه الحال أن يضرع إلى الله، وأن يرجع إليه ، وأن يسأله تفريج كربته وتيسير أمره، أما الفزع إلى عبد القادر أو إلى غيره من الناس فهذا هو الشرك الأكبر، هذا شرك أكبر نعوذ بالله من ذلك، فلا يجوز أن يفزع الإنسان إلى عبد القادر أو إلى السيد البدوي أو إلى الحسين أو إلى علي بن أبي طالب ، أو إلى غيرهم من الناس، بل يجب الفزع إلى الله وحده، وهو القائل سبحانه: فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18]، وهو القائل : وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ [يونس:106]، فهو جل وعلا الذي يجيب المضطر، ويكشف السوء، ويجود على عباده .
ولا ينبغي لأحد أن يغتر بما يفعله بعض الناس من الفزع إلى الشيخ عبد القادر أو إلى غيره أو أنها تقضى حاجته في بعض الأحيان، هذا من باب الاستدراج، وقد يقضيها له بعض الجن، يستدرجه بذلك حتى يوقعه في الشرك الأكبر دائمًا، فلا ينبغي لعاقل أن يغتر بكون حاجته قضيت لما دعا الشيخ عبد القادر أو غيره، قد تقضى الحاجة بأسباب قدرها الله ، صادفت وقت دعائه لـعبد القادر، وقد تكون حاجة يستطيعها بعض شياطين الجن فيقضيها لك لأجل يستدرجك في الشرك، ويوقعك في الشرك مرة أخرى.
فالمقصود أن الواجب على المكلف أن يخلص لله عبادته، وألا يدعو معه أحدًا لا نبيًا ولا غيره، وهو يقول جل وعلا: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، ويقول سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5]، ويقول : فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ [الزمر:2-3].
وبهذا تعلم أيها السائل أن هذا الذي قيل لك أمر باطل ومنكر من الشرك الأكبر، وأن الواجب على جميع...
https://binbaz.org.sa/fatwas/18285/%D8%AD%D9%83%D9%85-%D8%AF%D8%B9%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%A1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D9%86-%D9%84%D8%AA%D9%81%D8%B1%D9%8A%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%88%D8%A8